بانر

سوزان تاخذ 93 الف جنيه معاشا عن الرئيس المخلوع

انفردت مجلة فورين بوليسي الأميركية بإجراء مقابلة خاصة مع فريد الديب، محامي الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي أطاحت به ثورة شعبية في الحادي عشر من فبراير الماضي.

وكانت أول كلمات ينطق بها منذ هذا التاريخ هي التي قالها في المحكمة يوم الثالث من أغسطس الماضي، حين كان يرد على التهم التي يواجهه بها القاضي، وهي " نعم، أنا موجود. وأنفي كل هذه التهم تماماً".

وفي البداية، استعرضت المجلة جانباً من التاريخ الحافل الذي يحظى به المحامي الشهير فريد الديب على الصعيد المهني في مصر، نظراً لانغماسه في قضايا ذات طبيعة مثيرة للجدل، كتوليه الدفاع من قبل عن الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام، وكذلك رجل الأعمال الشهير هشام طلعت مصطفى، الذي يقضي الآن عقوبة بالسجن لمدة 15 عاماً، لتورطه في مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم. ثم لفتت أيضاً إلى أنه قد سبق له تمثيل شخصيات بارزة على مر السنين مثل الكاتب الكبير نجيب محفوظ والممثلة يسرا والراقصة فيفي عبده وأسرة الرئيس الراحل أنور السادات.

وبسؤاله عن الطريقة التي يتكيف من خلالها الرئيس السابق وأسرته مع الوضع الحالي، قال الديب إن مبارك لا يعلق كثيراً، وأنه يسأل فقط " ما هي الخطوة القادمة ؟"، وأضاف " هو معتاد على السرية.

وما أثار دهشتي هو أنني لم أسمعه مطلقاً يعيب في حق أحد لفظياً، حتى هؤلاء الذين هاجموه. وقد سألته مره عن شعوره وهو بعيد عن أجواء الحرية، فقال لي ( منذ متى وأنا حر ؟ فلم يسبق لي مطلقاً أن كان بمقدوري الخروج بحرية. فقوات الأمن كانت تحيطني طوال الوقت. ولم يكن بمقدوري السير إلى الحديقة أو إلى السينما أو إلى الشارع. وهو ما تعودت عليه ).

وتابع الديب بقوله إنه مما لا شك فيه أن حياة العائلة التي عاشت في القصر الرئاسي على مدار 30 عاماً قد انقلبت رأساً على عقب. وأوضح أن سوزان مبارك ( زوجة الرئيس السابق ) تشعر بقلق مستمر بشأن مستقبل عائلتها، لافتاً إلى أنها تزور زوجها يومياً في المستشفى، بإذن من النائب العام، ثم تعود لمنزلها في المساء.

وأشار الديب إلى أن عمر، نجل علاء مبارك، كان يدرس ويخضع للامتحانات في المنزل، لكنه رجع هذا الفصل الدراسي إلى مدرسته الأميركية بالقاهرة.

وأضاف الديب أنه من خلال تعامله مع الرئيس السابق، أدرك أنه شخص حنون للغاية، وأنه ربما ارتكب أخطاءً مثله مثل أي قائد آخر، لكنه لم يقصد مطلقاً الإضرار ببلده. ورداً من جانبه على التقرير الذي كشفت من خلاله هيئة الكسب غير المشروع يوم السادس عشر من أكتوبر الماضي عن اكتشافها أن علاء وجمال مبارك يمتلكان مبلغاً يقدر بـ 340 مليون دولار في صورة أصول مجمدة الآن بسويسرا، قال الديب " هل تقصد التجميد التلفزيوني الذي حصل في ذلك اليوم – فهذا ما أسميه.

لأن ما قيل أمر صادم، خاصة وأن النائب العام قام بتجميد أصولهما في الثامن والعشرين من فبراير الماضي. ويطلق على ذلك من الناحية القانونية ( حظر على التصرف في الأصول ). وأنا أعتقد أن من كانوا وراء هذا الإعلان الأخير تصوروا أن حيلتهم الإعلامية ستخدم مساعيهم الرامية لاسترداد الملايين من سويسرا. لكني أرى أنهم سلكوا الطريق الخطأ في هذا الجانب".

وأوضح الديب في السياق ذاته أنه رد على نائب وزير العدل، عاصم الجوهري، الذي أعلن خبر تجميد هذه الأموال، ووجه إليه اللوم بشأن تسببه في تضليل الرأي العام. ولفت إلى أنه منحهم المستندات التي تثبت أن تلك الأموال غير مذكورة في إقرار الذمة المالية الخاص بجمال مبارك لأعوام 2003 و 2008 و 2011. كما قدّم مصادر الأموال التي تحصل عليها نجلا الرئيس من عملهما بمجال الاستشارات الخاص بالبورصات العالمية مع عملاء خارج مصر ليس لهم أي علاقة بالسوق المصرية. وأوضح أن العائدات كانت تدخل في حساب مشترك يملكه الشقيقان، ثم انفصلا في الأول من آذار/ مارس عام 2008. وقد وصلت الأموال الموجودة في الحسابات، بعد سنوات من الفوائد المتراكمة، لأكثر من 300 مليون دولار. وهنا، تساءل الديب قائلاً :" هل من الخطأ بالنسبة لأي شخص أن يحقق أرباحاً بصورة قانونية ؟".

وبسؤاله عن الكيفية التي ينفق من خلالها أفراد أسرة مبارك، بعد أن تم تجميد أموالهم، أشار الديب إلى أن الفاتورة العلاجية للرئيس السابق تتحملها الحكومة، كما يجيز القانون بالنسبة لأي رئيس أو رئيس سابق. ولفت إلى أن زوجته تعيش من معاشه الشهري، الذي يصل إلى 93 ألف جنيه مصري ( حوالي 15500 دولار ). وأكد أيضاً أن الرئيس وزوجته لا يمتلكان دولاراً واحداً سواء داخل مصر أو خارجها، مشيراً إلى أن الأموال الإجمالية في حسابه المصرفي لا تزيد عن 6 مليون جنيه.

وعن رأيه في الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في مصر الآن، وتأثيرها على محاكمة مبارك، خاصة منذ أن منع القاضي أحمد رفعت بث فعاليات المحاكمة، أكد الديب أن الإعلام أضحى وسيلة خطيرة للدمار، وأن الصحافيين والإعلاميين يتسابقون فيما بينهم لتدمير مصر وتشويه سمعة أناس أبرياء. ويجب أن يواجه الإعلام في مصر عقوبة الإعدام، لأنها لم تعد وسيلة توعية بل وسيلة فقط لنشر وترويج الأكاذيب.

كما اعترف بدعمه الشخصي للقرار الذي أصدره القاضي فيما يتعلق بوقف بث المحاكمات تلفزيونياً، لأن كثيراً من الإجراءات القانونية والإدارية قد لا تُفهَم من جانب العامة ومن جانب المفكرين الذين لا يعلمون شيئاً في القانون. وأبدا اعتقاده بان الرأي العام لا يجب أن يؤثر على الإعلام، وإن كان ذلك يحدث، سواء بالسلب أو بالإيجاب.

وبسؤاله عن ردة فعل النائب العام حين رأى بعض الشهود يغيرون شهاداتهم، قال الديب إن أحد ضباط الأمن المركزي أدلى بشهادته، لكن كان هناك من يريده أن يغيرها، وقد اتهم هذا الضابط بإدلائه بشهادة زور، وتم احتجازه لبعض الوقت أثناء جلسة المحاكمة، ثم أصدر القاضي حكماً يبرئ ساحته بحلول نهاية الجلسة. وقال الديب إن المشكلة الآن هي أن النائب العام صدق ما كتبوه في قائمة الأدلة، دون الرجوع إلى شهادات هؤلاء الشهود.

وبسؤاله عن الشاهد الذي قيل إنه دمّر اسطوانة تحتوي على تسجيلات هامة بين متهم آخر هو وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ومساعديه، نفى الديب أن يكون هناك وجوداً لتلك الاسطوانة من الأساس. وأكد أن ما قيل في هذا الشأن يندرج في إطار الشائعات التي تحدثت عن إصدار العادلي أوامر لمساعديه بقتل أو سحق المتظاهرين، ووصف هذا كله بالهراء.

وبسؤاله عن توقعاته للمدة التي قد تستمرها تلك المحاكمة، في وقت ينتظر أن تستمع فيه المحكمة لـ 1631 شاهداً، قال الديب إنه لم يطلب الشهادة من أي شاهد، بينما طلب النائب العام ذلك. وأضاف " رغم أنهم ليسوا شهود عيان، إلا أن النائب العام يرى أن شهادتهم ستخدم قضيتهم ضد المتهمين. ويتعين على المحكمة أن تستمع لجميع الشهود دون استثناء. ولكي أكون أميناً، فقد سبق لي أن طلبت شهادة المشير محمد حسين طنطاوي، الذي يترأس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم أرجأت هذا الطلب. ثم استدعته المحكمة إلى جانب شخصيات أخرى بارزة مثل عمر سليمان، نائب الرئيس السابق ورئيس جهاز المخابرات، بناءً على طلب من محاميي الحقوق المدنية".

ورداً على تساؤل المجلة المتعلق بطبيعة الشهادات التي وصفت بـ "السرية أو التي جرت خلف الأبواب المغلقة" لشهود بارزين مثل المشير طنطاوي، خاصة بعد أن تم حظر النشر، أكد الديب على عدم وجود شيء سري أو خلف الأبواب المغلقة، منوهاً إلى أن القاضي تجنب التلاعب من جانب وسائل الإعلام. وأضاف أنه لم يطرح على الشهود سؤالاً واحداً، وأنه شعر بالصدمة لرؤيته بعض محاميي المدعين بالحق المدني وهم يهتفون ضد طنطاوي أثناء إدلائه بشهادته، وهو ما دفعه لمغادرة القاعة. كما أشار الديب إلى أن القاضي عرض على طنطاوي الجلوس أثناء إدلائه بشهادته احتراماً لسنه، لكن المشير رفض وظل واقفاً لمدة ساعة حتى أنهى شهادته.

وعن رأيه في الأقاويل التي تشير إلى أن شهادات المسؤولين الكبار في عهد مبارك تصب في صالح موكله وقد تبرئ ساحته من التورط في أي مخالفات، أكد الديب أن ما تقرره المحكمة هو المهم، بعيداً عن أي أشياء أخرى. ونفى الديب في السياق ذاته أن يكون قد تم إصدار أوامر بعينها بشأن التعامل مع المتظاهرين يوم الخامس والعشرين أو الثامن والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، لافتاً إلى أن ذلك سيكون أساس دفاعه في الجلسات المقبلة، نظراً لوجود الكثير من الحلقات المفقودة فيما يتعلق بهذا الموضوع في الشرطة والقوات المسلحة.

ورداً على حالة الجدل التي أثيرت مؤخراً بعد تأجيل المحاكمة إلى الثامن والعشرين من الشهر المقبل، ومطالبة محاميي المدعين بالحق المدني إبعاد القاضي أحمد رفعت عن القضية، أوضح الديب أن من حق المحكمة رفض القضية المدنية إذا كانت تعيق مجرى القضية الجنائية. وهو ما كان يأمل أن تفعله المحكمة، لأنه يرى أن محاميي المدعين بالحق المدني لا يعلمون ما يتحدثون عنه. ثم أشار الديب إلى أنه وقبل الجلسة الأخيرة بيوم واحد فقط، تنحى قاضي المحكمة العليا لـ "تجنب الإحراج" كما هو معروف قانوناً، وهو ما جعل القاضي أحمد رفعت يأمر بإعادة المتهمين لمحبسهم وتأجيل المحاكمة حتى الثامن والعشرين من الشهر القادم، لأنه ليس مسموحاً له أن يواصل المحاكمة في وقت لم يصدر فيه حكماً بعد بشأن الطلب المقدم لرد المحكمة.

وقال الديب كذلك إنه في حالة اختيار قاض جديد لمحاكمة مبارك، فسيتعين بدء الإجراءات مرة أخرى من البداية. وأكد الديب في السياق ذاته كذلك أن القاضي أحمد رفعت لا تربطه أي علاقات بالقصر الرئاسي، وهو الأمر الذي نفاه للمحكمة العليا. وعن سبب ضم القاضي إجراء المحكمة في قضية مبارك مع إجراءات وزير الداخلية السابق حبيب العادلي، أشار الديب إلى أن كليهما يواجهان تهماً متعلقة بقتل المتظاهرين خلال ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي، وأن نفس الشهود سيشهدون ضدهم، وبالتالي فإن المحكمة ستستمع إليهم مرة واحدة فقط.